الهام فرحات

احد مقابلات حزمة: سِيَر سورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: لبنان
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

"لم أجد أي فرق في حياتي الجديدة في سوريا، بل كنت أشعر أني أعيش بين أهلي وناسي".

نشأت الهام فرحات في كنف عائلة بسيطة تقطن مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا اللبنانية. تمّ الطلاق بين والديها وهي بعمر الثانية عشرة، فتزوج والدها مرة أخرى وعاشت مع زوجة أبيها.

تقول في ذلك، "تزوجتُ في عمر التاسعة عشرة هرباً من ظلم زوجة أبي لنا والواقع المر الذي عايشته، كان زوجي من فلسطينيي الأردن ويكبرني بخمسة وثلاثين عاماً، كان عامي الأول في الزواج جيداً ولكن الظروف بدأت تسوء بعد ذلك".

انتقلت الهام الى سوريا مع زوجها وأبنائها الخمسة خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 واستقروا في مخيم اليرموك للفلسطينيين جنوب العاصمة دمشق.

تقول الهام، "ركبتُ في السيارة برفقة أطفالي الثلاثة، وبقيَ زوجي في بيروت ليلحق بنا فيما بعد، كان في السيارة امرأة مصرية متزوجة من فلسطيني ومعها أطفالها أيضاً، كنت خائفة كثيراً على مصير الأولاد، في ذلك الوقت كان شعري طويلاً جداً وكان أغلى ما أملك، فنذرتُ أن أقصّه في حال وصلنا الى دمشق بسلام، وفعلاً قمتُ بقصّه بعد أن نجونا وقصدنا أحد المعارف في مخيم اليرموك".

تقول الهام عن تجربة انتقالها الى سوريا، "لم أجد أي فرق في حياتي الجديدة في سوريا، بل كنت أشعر أني أعيش بين أهلي وناسي، وبنيتُ علاقات طيبة مع الجيران وكونت صداقات كثيرة".

تنقّلت الهام في عدة وظائف وأعمال كي تستطيع إعالة أطفالها بعد مرض زوجها وعدم قدرته على تحمل مسؤوليتهم، فعملت مربية في دار حضانة لنحو خمس سنوات، والتحقت خلال تلك الفترة بدورة لمحو الأمية وتعلمت القراءة والكتابة، ثم عملت في مشغل أعمال يدوية للتراث الفلسطيني مثل التطريز وحياكة الصوف، ثم عملت سكرتيرة في معهد مهني للشباب، وعملت لاحقاً في عيادة طبية نسائية تعلمت فيها مهنة التوليد والتحقت بدورة إسعافات أولية وتمريض وحصلت على شهادة في هذا المجال.

تقول الهام إنها كانت تحلم منذ الطفولة بإكمال دراستها وممارسة مهنة الطب، ورغم أن الظروف لم تسمح لها بإتمام الدراسة، استطاعت تحقيق حلمها القديم من خلال ممارسة مهنة التمريض لنحو عشر سنوات.

عانت الهام كثيراً بعد وفاة زوجها كي تستطيع تعليم أولادها الذين كان أكبرهم في الثامنة عشرة وأصغرهم في عمر الثامنة، وعلى هذا النحو، حاولت التواصل مع أهل زوجها في الأردن، فذهبت برفقة أولادها لزيارتهم على نية الانتقال الى هناك وتلقي الدعم بما أن الأولاد يحملون جنسية أبيهم الأردنية، لكن أخوة زوجها لم يستقبلوهم أبداً بسبب خلافهم القديم مع زوجها فعادت الى سوريا وقررت أن تكمل حياتها معتمدة على نفسها.

تقول، "كنت أعمل بثلاثة وظائف خلال اليوم الواحد، من الساعة السابعة صباحاً حتى الثانية عشرة ليلاً، وحتى أثناء دوامي في العيادة، كنت أقوم بالتطريز على الأقمشة لأوفّر دخلاً إضافياً، والحمد لله استطعت شراء منزل بالأقساط بمساعدة الطبيب الذي كنت أعمل في عيادته، وأتمَ جميع الأولاد دراستهم ثم تزوجوا وعاشوا حياة طبيعية".

تلقّت الهام عدة طلبات زواج، لكنها كانت ترفض الفكرة دائماً وتُفضّل أن تفرغ نفسها لتربية الأولاد حتى لا يأتي رجل غريب ويعاملهم بقسوة أو بطريقة غير لائقة، تقول، "ساعدتني مواجهة الظروف الصعبة والتنقل من عمل لآخر بأن أصبح أقوى، عندما كنت في بيت أهلي لم يُسمح لي الخروج من المنزل بمفردي ولا متابعة الدراسة، كان دوري محصوراً بالأعمال المنزلية والعناية بإخوتي الصغار، كانت تجربتي قاسية ولكني استطعت تخطي كل الصعوبات".