جلنار اليونس

احد مقابلات حزمة: الصراع، الهجرة والهوية السورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: قبرص
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

تقدم السيدة جلنار اليونس (32 عاماً) والتي تعيش في قبرص، هويتها السورية بالقول: 

أعتبر نفسي متعدّدّة الهويّات، أنا من مدينة حمص، ولكن ليس لدي انتماء معين لمدينة، لقد جمعت عدّة هويات تبعاً لجذور العائلة التي تناثرت بين جبال طرطوس واللاذقية، وصولاً إلى مدينتي حماة وحمص، ولادتي وبداية طفولتي كانت في مدينة السويداء، وبعد ذلك سن المراهقة حتى العشرينيات، عشت في مدينة دمشق، ثمّ ذلك غادرت سوريا، تنقلت بين عدة بلدان عربية وأوروبية وحالياً أنا موجودة في قبرص. وفي المستقبل، يعلم الله وحده أين سوف تأخذني الأيام، ولكن أنا متأكدة أني سورية الانتماء والهوى، هذه كانت عبارتي الدائمة قبل الحرب على سوريا، ولكن بعد الحرب تغيرت مشاعري قليلاً، لكن التغير لم يكن اتجاه البلد، إنما نحو السكان القاطنين فيه، المشاعر تغير طريقة تعامل الناس مع بعضهم البعض.

وعن علاقة الصراع بهويتها السورية، تقول السيدة جلنار: 

الحرب على سوريا، لم تغير من مفهوم انتمائنا للهوية، نحن سوريين أباً عن جَدّ، شئنا أم أبينا، ولدنا في سوريا وانتمائنا الأول والأخير سوف يبقى لسوريا، أينما كنا موجودين، سواء أنا كنت الآن موجودة في قبرص، أو السوريين الموجودين في ألمانيا، هم أولاً وأخيراً سوريون ويحملون الدم السوري في عروقهم، ولكن أعتقد أن المعطيات وما مر وحدث على مدى السنوات الأخيرة، انعكس -للأسف- بشكل سلبي على جذور الانتماء، لأن هذه الجذور لم تعد قادرة على ضخ ذات المشاعر لكل سوري. أحياناً يزورونا الحنين بين حين وآخر لذكريات في أماكن محددة، أو حتى ذكريات أشخاص محددين، ولكن هذا الشعور يتوقف بمجرد ما يجلس الإنسان للحظة ويفكر، بشكل يقيني، أن الشوارع والأبنية لم تعد كما كانت، وحتى هؤلاء الأشخاص الذين أحببناهم في الزمن الجميل ربما نعود إلى البلد ولا نجدهم! 

أمّا إذا تغيرت نتائج الصراع في سوريا، فهل سوف تتغير نظرة السيدة جلنار إلى هويتها، تؤكد: 

الهوية بالنسبة لي، لا أعتقد أنها سوف تتغير، أنا هويتي سورية في أي بلد كنت، ممكن في المستقبل أحصل على جنسية ثانية غير الجنسية السورية، أو ممكن أولادي القادمين أن يحملوا جنسيات ثانية، ولكن لا أعتقد أني سوف أتركهم ينسون الأصل الخاص بنا. هناك أطفال بدأوا حياتهم خارج سوريا ومن الممكن أن يحملوا جنسيات أخرى غير السورية، هنا تتناثر الهوية السورية وسوف تصبح في مهب الريح، هي صراحة مهددة بالانكماش إن لم نقل الزوال، الأمر مرهون بالأهل أو بالأشخاص السوريين الفاعلين بالمجتمعات سواء كانت عربية أو أوروبية.

وتعتقد السيدة جلنار أن الهجرة لازالت مستمرة حتى اليوم من سوريا، حيث تروي متأسفة:

الشباب والناس الموجودين في سوريا، لم تتوقف هجرتهم، منذ بدأت الأحداث في سوريا، والشباب يهاجرون سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، والإناث أصبحن يفضلن الزواج بشباب مغتربين أو مهاجرين، بينما ألغى الشباب داخل البلد، فكرة الزواج. بالنسبة لي هجرتي كانت طوعية، ولكني لا أستطيع أن أخفي أني حين خرجت من سوريا كان الوضع غير مستقر، لم أحب أن أقضي ما بقي من عمري هناك والإنسان يعيش مرة واحدة، ولن أستطيع أن أكون على الخطوط الأمامية سواء كنت أحمل فكر أي جهة معينة، أنا مجرد امرأة لدي طموح أن أكوّن حياة وعائلة، لم أشعر أنني ضمن سوريا، سوف أستطيع أن أحقق هذا الشيء.

وإذا ما كان هناك طقوس وعادات وتقاليد ترى السيدة جلنار أنها تؤثر على هويتها مع الممارسة، تقول: 

في أي مكان سافرت إليه، وبمجرد أن أسمع أحدهم في الطريق أو في المول أو في أي مكان، يتحدث بالسورية، أشعر لا إرادياً أن هناك بسمة ترتسم على وجهي، أشعر أني لست وحدي في هذا المكان، ثمة سوري آخر بالقرب مني، وأشعر أني أعرفه، رغم أنه قد يكون من حلب أو من مدينة أخرى. لم أتردد للحظة بالذهاب للاقتراب من الانتماء الذي يشبع لدي رغبة الشعور أني في سوريا، وخصوصاً في الأماكن التي تحمل هوية سورية. 

أخيراً تصف السيدة جلنار اليونس، هويتها بثلاث كلمات: 

أنا سورية الانتماء والهوى.

الدين لله والوطن للجميع.

أنا أتعامل مع الأشخاص بناءً على أخلاقي وأتعامل معهم بناءً على أخلاقهم.