حياة البيطار

احد مقابلات حزمة: سِيَر سورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في:
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:
Date Recorded: 20160212
Interview Number: 1

"ربما أثّرت الحداثة قليلاً على الأسواق القديمة، لكنها لم تُفقدها رونقها وطابعها الخاص"

ولدت حياة البيطار وترعرعت في مدينة اللاذقية حتى بلغت السابعة عشرة، حينها تزوجت وانتقلت إلى منزل الزوجية في مدينة دمشق.

كانت حياة من المتفوقات في دراستها رغم المسؤوليات الملقاة على عاتقها بسبب مرض والدتها مذ كانت في سن الثالثة عشرة، وساهمت هذه المسؤوليات بصقل شخصيتها ومنحِها خبرة في الأعمال المنزلية والأشغال اليدوية فضلاً عن المعرفة الجيدة بالأسواق كما تقول.

تعود أولى ذكريات حياة في الأسواق الى عمر السابعة، حين اصطحبها والدها الى استوديو التصوير لأخذ صورة واستخدامها ضمن ملفات التسجيل في المدرسة، ثم لشراء حذاء جديد للمدرسة، ترك السوق منذ ذلك الحين انطباعاً جميلاً في ذهنها. تقول حياة، "كان أبي يملك دكاناً لبيع المواد الغذائية في سوق الصليبة بمدينة اللاذقية، ولذلك كنت أتردد كثيراً وبشكل شبه يومي على المحل، وأعيش تجربة زيارة الأسواق بشكل متكرر، وكنت أرافق جيراننا أيضاً إلى أماكن وأسواق جديدة في كل مرة".

تصف حياة سوق الصليبة بأنه من الأسواق القديمة التي تتميز بقناطرها الحجرية وقوس النصر الروماني أو ما يسمى بالكنيسة المعلّقة التي كانت معلماً هاماً في السوق الذي تحيط به البيوت القديمة ذات الأدراج الحجرية، ويوجد فيه ساحة يطلق عليها اسم ساحة العيد لأن الأطفال يرتادونها في الأعياد للّعب بالأراجيح وغيرها من الألعاب الشعبية.

تتنوّع المهن والبضائع في أسواق مدينة اللاذقية، حيث تجد محلات بيع الحلويات والعطارة والألبسة والأدوات المنزلية والسجاد والصاغة والمهن اليدوية التقليدية والأقمشة وغيرها.

وبالحديث عن أسواق اللاذقية، تُعدد حياة بعضاً من الأسواق القديمة مثل الداية والعنابة والعوينة، وسوق النحاسين والصليبة وسوق التجار ومنطقة البازار، إضافة لسوق السمك وبعض الأسواق ذات الطابع الحديث.

مع انتقالها للعيش في مدينة دمشق، تعرفت حياة على أسواق جديدة تتميز متاجرها بكبر حجمها وكثرتها وطابعها التخصصي، فلكل نوعية بضائع أو مهنة معينة سوق خاص بها، خلافاً لأسواق اللاذقية ذات الطبيعة المختلطة من حيث البضائع والمهن الموجودة فيها.

تقول حياة، "سوق الحميدية الشهير يتميز ببيع الألبسة والتحف التراثية والنحاسيات ويتفرع عنه سوق الحرير وسوق الخياطين والعصرونية وباب السريجة الذي تتنوع فيه البضائع بين مواد غذائية وخضار، ويتميز بأسعاره المقبولة".

تتابع حياة التفصيل في أسواق دمشق وما تحتويه من بضائع، "سوق باب الجابية، وفيه محلات لبيع الألبسة والأحذية والأكلات الشعبية، وسوق العمارة وهو سوق للخضار، سوق الحريقة يختص بالألبسة والأقمشة ومحلات المبيع بالجملة، سوق المحكمة يختص ببيع الأقمشة، سوق المناخلية يختص بمعدات البناء والأدوات الصحية، سوق الميدان يختص بالحلويات والأكلات الشعبية، سوق الأدوات المستعملة في شارع الثورة".

تتحدث حياة عن الحارات والبيوت القديمة المحيطة بهذه الأسواق، والتي تتميز بوجود الليوان والبحرة وأشجار النارنج، وأصبحت من المعالم السياحية لدمشق القديمة، ومنها ما تحول إلى مطاعم فاخرة لتغدو محطة استراحة للمتسوقين والباحثين عن متعة التراث، وهو ما لا يوجد في أسواق اللاذقية التي تتسم المطاعم فيها بالبساطة والشعبية. تقول، "كانت الحياة قديماً أجمل وأبسط، ربما أثرت الحداثة قليلاً على الأسواق القديمة لكنها لم تفقدها رونقها وطابعها الخاص".

تشترك مدينتا اللاذقية ودمشق بوجود أسواق أسبوعية موسمية تقام في فترات محددة من السنة، وتتميز بأسعارها المخفضة وأجوائها المبهجة، حتى غدت ملتقى للعائلات من كافة الشرائح وخاصة لذوي الدخل المحدود. ففي اللاذقية تقام البازارات الموسمية في أيام الربيع وفترة الأعياد في الحدائق العامة، وفي دمشق تقام معارض الصناعات الغذائية ومعرض الزهور الذي يَعرضُ فيه المشاركون أنواع النباتات والزهور ومستلزمات الزراعة في حديقة تشرين المطلة على ساحة الأمويين.

تذكر حياة أن الأسواق تضم عادةً محلات المأكولات الشعبية التي تختص بها كل مدينة، ففي أسواق اللاذقية ثمة محلات لبيع الجزرية والمعلّل والهريسة والجوزية والسيلان والكنافة بالشعيرية والكسيبة مع الحلاوة النفيشة، كما ينتشر الباعة الجوالون الذين يبيعون الفستق والهيطلية والغزّولة. بينما تتميز محلات المأكولات في دمشق بالبرازق والمحلاية أو الكشكة والفولية، وتشترك المدينتان ببعض المأكولات وبخاصة الحلويات كالبقلاوة والكنافة.

تتذكر حياة طريقة اللباس التي كانت رائجة في أسواق مدينة اللاذقية أيام طفولتها، "تجد من يرتدي البذلة الرسمية وآخر يرتدي الزي العربي التقليدي، في حين يرتدي بعضهم الشروال، هذا فيما يخص الرجال، أما النساء فكنّ محافظات في طريقة اللباس، ترتدي كبيرات السن المانطو والمنديل الذي تعلوه الفجّة في حين كان الشائع لدى الفتيات ارتداء التنانير أو الفساتين الطويلة فوق البنطال ويعلوها سترة طويلة أيضاً".