محمد صواف

احد مقابلات حزمة: الصراع، الهجرة والهوية السورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: الدنمارك
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

يعرّفنا السيد محمد صوّاف والذي يعيش في الدنمارك على هويته السورية متذكراً الجغرافية التي كانت سورية، حسب وصفه، مضيفاً: 

الجغرافية الحالية دنماركية، ومنذ تبدل لدي مفهوم الجغرافيا من جانب هويتي، تبدل انتمائي، صرت أشعر بحالة اللامنتمي، إني أعيش في حالة غياب عن الوعي منذ غادرت بلدي، سابقاً، قبل الحرب سافرت لسنتين ولكن لم أشعر ذلك الشعور الغريب، ربما لأنني كنت أشعر بأمان، وأستطيع أن أعود إلى ذاك المكان وأنا مرتاح، متى أشاء وفي الوقت الذي يناسبني أستطيع العودة إلى سوريا. ولكن الآن مع وجود الإحساس بأني لا أستطيع العودة إلى سوريا في الوقت الذي أريد، فهذا ترك بدوره لدي حالة من عدم الانتماء، أشعر أن بلدي لفظتني، وأنا أتعلق أكثر بالأشخاص الذين أعرفهم، بالأماكن التي أعرفها، وجود هؤلاء الأشخاص وتلك الأماكن في حياتي، حتى لو لم يكونوا قريبين مني، لكن هذا يمثلني، عندما فقدت تلك الأماكن والأشخاص، على سبيل المثال من حارتي، التي ولدت وتربيت فيها، أذكر جيداً أن لا أحد ممن ربيت معهم في تلك الحارة لازال موجوداً هناك الآن، وبالتالي أصبح الحيّ بالنسبة لي بلا معنى، أو أنه فقد قيمته لدي. فجأة ذهبت إلى عالم آخر، لم يعد لدي تلك الأشياء المشتركة حتى أصدقائي الذين كنت أتشارك معهم تلك الأشياء، عندما أتحدث إليهم اليوم وهم يعيشون في بلدان أخرى مثل أمريكا، ألمانيا، كندا... إلخ، لن تعد تعني لهم تلك الأشياء، وتلك الأحاديث المشتركة التي كانت تجمعنا لم تعد موجودة.

وعن أثر الصراع في سوريا على هويته، يعتقد محمد أنه بسبب الحرب أصبح مضطراً للاندماج في مجتمعات أخرى، وعادات وتقاليد أخرى، ويؤكد أن ذلك: 

جردني من هويتي التي على الأقل كنت قد تربيت عليها، وقد أقول لم يجردني بكل معنى الكلمة، إنما كنت مجبراً أن أغير من هذه الهوية، ومجبر أن اندمج مع مجتمع آخر، بعادات أخرى. تلك الأعراف التي كانت موجودة بيني وبين أصدقائي، والتي كانت تشكل هويتي، لم تعد موجودة. لقد ذهب المكان، والزمن انقضى ومضى، والأشخاص كل واحد منهم ذهب باتجاه، ولذلك أجد أن هويتي تشرذمت كثيراً كسوري على الأقل.

وعن نظرة محمد إلى النتائج المختلفة التي قد تكون في سوريا وكيف سوف تؤثر على نظرته إلى هويته، يقول: 

بالنسبة لهويتي في المستقبل فإن حالة اللانتماء التي وصلت لها، أثرت علي كثيراً بشكل سلبي، لدرجة أنه كيفما انتهى الصراع في سوريا، - لو سينتهى أصلاً- سوريا وصلت إلى نقطة اللاعودة بصراحة، لأن الحل شبه مستحيل، سواء بقي النظام أم ذهب، أمران أحلاهما مرّ، لأن البلد وصلت إلى حالة مزرية من عدم الاستقرار وعدم الأمان من كل النواحي والناس فقدت الثقة ببعضها البعض، وحتى لو كتب لي يوم أن أعود إلى سوريا، لا أعتقد أنني سوف أستطيع أن أرى الشوارع ذاتها أو الأحياء كما هي، فهويتي في المستقبل أتوقعها أن أكون مجرداً من هويتي السورية بنسبة 100%. 

أمّا عن أثر هجرة السوريين وهجرته من سوريا خلال العشر سنوات الماضية، يربط محمد ذلك الأثر بموضوع الأعياد واختلافها بين سوريا والدنمارك، حيث يقول: 

أنا أشعر بعيد الميلاد بالفرح كثيرا، أكثر من شعوري بالفرح في عيد الأضحى أو عيد الفطر حيث يحتفل بهما في سوريا، لدرجة أن العيدين لا يمثلاني كثيراً، عيد الميلاد يمثلني أكثر أو بسبب الليالي الاسكندنافية البادرة والتي هي عبارة عن ليال سوداء وكآبة، وهذا الشيء أثر بشكل كبير على هويتي بحيث أصبحت شخصاً إنعزالياً، وبالتالي تغيرت لدي الكثير من الطباع.

فيما يتذكر محمد لو أن هناك طقوساً وتقاليداً بارزة في حياته، كانت تشكل جزءاً من هويته، قائلاً: 

أستطيع أن أقول موضوع اللباس، طقس لم أغيره، لأن هذا الذوق من الصعب أن يتغير بسهولة، كذلك انتقاؤنا للألوان وطريقة اللباس وأضف إلى ذلك اللغة أيضاً، ويعود لي الإحساس بأني فعلاً سوري أو يعود لي احساس اللهفة عندما أرى شخاصاً سورياً وأتحدث معه سوري، وتحديداً إذا كانت اللهجة شامية، أشعر بالألفة بيني وبين هذا الشخص. 

وأخيراً، يصف محمد صواف هويته بثلاث كلمات قائلا: 

طيّار، حر الإرادة، زاهد.