هاني الرستم

احد مقابلات حزمة: التعايش السلمي في المهجر,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: بيروت, لبنان
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

انتقل هاني الرستم إلى لبنان سنة 2008. درسَ الطب البشري لثلاث سنوات بجامعة البلمند في مدينة طرابلس، قبل أن يقرر تغيير اختصاصه إلى علم النفس، بسبب ارتفاع تكلفة دراسة الطب من جهة، و لشعوره بحاجة أكبر إلى ذلك الاختصاص في ظل الأحداث الجارية في سوريا.

يقول هاني: "كنت أصوّر فيلماً وثائقياً بالتعاون مع صديقة أمريكية، لاحظتُ معاناة أطفال كثر من أشياء لم أفهمها، وحين استفسرتُ عن الأمر علمتُ بأنها آثار الصدمة النفسية، فغيّرتُ مجال دراستي. ثم سنحت لي الفرصة بالتدرّب ضمن نقابة المعالجين النفسانيين، فأصبحت معالجاً نفسياً، مما هيّأ لي فرصاً أكثر في مجال العمل في طرابلس".

لم يشعر هاني يوماً بأنه غريب عن المجتمع اللبناني، رغم وجود البعض ممن يتعمّدون إشعار السوريين بأنهم أدنى درجة منهم كما يقول: "نظراً لتجربتي في الدراسة واكتساب الخبرات والفريق الضخم الذي كنت أديره، كنت أنا من يفرض المنظور الخاص بي على محيطي. لم أسمح لأيّ كان أن ينظر لي نظرة دونيّة. قابلتُ بعض الأشخاص العنصريين في لبنان لكني لم أسكت أبداً، وواجهت الأمر وكأني لبنانيّ أتعرض للعنصرية في بلدي، وهذا أسكتهم دائماً". 

عمل هاني منذ عام 2012 مع منظمات المجتمع المدني، ضمن إطار عام يتعلق بالتربية وبناء السلام وحل النزاعات، اكتسبَ خبرات واسعة في هذا المجال وتدرّج في العمل ما بين تنسيق المشاريع وتصميمها وإدارتها. وفي بداية عام 2017 أسّس جمعية وتسلم إدارة برامجها، حيث ركّزَ على تصميم المشاريع المتعلقة بالتنمية الاقتصادية في مدينة طرابلس، ضمن السياق الطرابلسي. 

يقول في ذلك: "اتجهتُ نحو مجال بناء السلام فيما يتعلق بلبنان وما يحصل داخله نتيجة أمرين اثنين، حيث احتجتُ للتخلص من عبء القضية السورية بجميع أشكالها. جزء من ذلك نتيجة الإحساس بخيبة الأمل تجاه كل ما يحدث مع السوريين سواء في الداخل أو الخارج. ومن جهة أخرى رغبتي في التعامل مع أناس انتهى الصراع الذي كانوا يعيشونه نوعاً ما. كنتُ بحاجة الى فهم كيف يمكن أن يكون مستقبل بلدي بشكل أو بآخر. ولكن في نفس الوقت، دون أن أكون جزءاً منه".

ويتابع القول: "أعيش في لبنان منذ عام 2008، لذلك أفهمُ اللبنانيين جيدًا، أعتقد أن وجه الاختلاف في فهمي تطوّرَ من خلال العمل مع أبناء هذه المدينة، المعنيّون بقضاياها، أي فهمي لأشخاص لديهم انتماء، هذا جزء مهم وأساسي. فأنا لم أشعر يوماً بالانتماء، بينما هم حين يتكلمون عن انتمائهم لطرابلس، لمدينتهم، وأنه يجب عليهم القيام بحملات ضد العنف..الخ. كان هذا جديد بالنسبة لي، وساعدني في فهم انتمائي، في فهم الدافع وراء كل هذا العمل لصالح بلدهم".

في عام 2010 تأثّر هاني بمجموعة من الشبّان السلفيين في طرابلس وانخرط في أجوائهم وأنشطتهم في الجامعة وغيرها. صار حليق الشارب وطويل اللحية ولم يعد يصافح النساء أو يسمع الموسيقى حتى وصل الى مرحلة التشدد والتزمّت الديني. في عام 2012، تبدّل موقفه بشكل دراماتيكي نتيجة وفاة ابن عمه الذي كان يصحبه في زيارة الى سوريا. أخذه هاني حينها بهدف إمضاء إجازة ممتعة فتوفي هناك، مما شكّل له صدمة كبرى، وطرح في رأسه تساؤلات حول الخلق، فألحدَ ولم يعد يؤمن بوجود الله أو أية عدالة سماوية، منتقلًا من أقصى التطرف الى أقصى التطرف المعاكس، يقول: "ساعدني العمل الاجتماعي والتعاطي مع الناس كثيرًا في أن أصبح وسطياً غير ملحد، فأنا اليوم لا أنكر وجود الله تماماً، لديّ تواصل روحاني معه رغم توقّفي عن القيام بأي شعائر دينية كالصلاة والصيام".