حنين الخليلي من العراق، عمري 26 سنة، خريجة إعلام قسم صحافة، عملت صحافية في بلدي قبل الهجرة.
تنحدر عائلتي "الخليلي" من النجف، وهي عائلة دينية، ولكننا نعيش في بغداد، والدي يختلف قليلاً عن العائلة، فهو ذو عقل متفتح نوعاً ما بحيث أعطانا مساحة بسيطة من الحرية، وكوني من عائلة الخليلي يعني ألا أكون صحفية أو يكون لدي علاقات وأن أسافر، يجب أن أتزوج وأكوّن عائلة كما كل البنات، فوالدي تمرد قليلاً على هذه الأعراف، ولهذا أنا كنت مقررة منذ صغري أنه يجب المغادرة إلى مكان فيه حرية أكثر. كانت الفكرة موجودة ولكنها ليست كقرار.
منذ أن دخلت مجال الصحافة توجهت إلى الأقسام السياسية كمحررة أخبار ونشرات، وأخيراً صرت أنتج نشرات وأكتب تقرير في الوكالات أونلاين. تعرضت لمضايقات وبالتأكيد هذا حال كل الصحافيين في العراق، ولكن لم توقفني هذه المضايقات ولم أقيم لها أهمية. ثم كان لدي نشاط نسوي إضافة إلى النشاط السياسي لدعم النساء المُعنَفات أو اللواتي لم يأخذن حرياتهم. أول المضايقات وصلت إلى أبي من جهة الأقارب بأنه يجب أن يوقفني عند حدي، وبعدها انتقلت المضايقات إلى مستوى أكبر فالعاملين مع والدي في جامعة تابعة للوقف الشيعي أخذوا يضايقونه مباشرة ويهددوني، فبدأت أشعر بالظلم أكثر والحد من حريتي أكثر فقررت أن أغادر إلى أوروبا، فواجهت معارضة من أعمامي ومن أهلي حتى والدي. ولما قلت لهم أني أريد العيش مع خالتي ولن أكون وحدي سارت الأمور بشكل جيد نوعاً ما. وسافرت إلى أوروبا،
تنقلت بين أكثر من دولة: فرنسا وإيطاليا والنرويج، ومع أني ذاهبة للبحث عن الحرية، لكن هذا التغيير المفاجئ بين يوم وليلة كان صعباً.
ثم وصلت إلى السويد، وهي دولة باردة ولكنها أفضل من العراق، هناك لدينا وقت طويل نقضيه في المطاعم وغيرها، هنا في السويد دولة عملية ولكن أناسها باردون لم أستطيع التفاعل معهم، وأتذكر أنه عندما كنت في الميترو كان الناس يبدون وكأن لديهم كآبة، وكأنهم مرضى نفسيين هكذا شعرت، ربما كانت المشكلة لدي أنا، لكني لم أستطع أن أحبهم، كنت أنظر إليهم وأشاهد الملل في وجوههم وهم عابسون.
في هذه الأثناء جاءتني فرصة عمل في قناة جديدة على وشك أن تفتح في تركيا، وهي قناة عراقية، وشعرت أنها خيار مناسب، وأن أبقى في تركيا سنة أو سنتين وبعد ذلك يمكن أن أحصل على الماجستير فيها، وعندها سأكون مستعدة كي أعيش وحدي. ولكني اكتشفت أن تركيا ليس مكاناً للاستقرار النهائي، هي جميلة وقريبة على الثقافة الشرقية وناسهم مرحين وفيها حياة، لذلك أنا تناسبني هذه الثقافة، لكن هي ليس مناسبة للاستقرار، نحن هنا وافدين كإقامة سياحية لمدة سنة، وكل سنة يجب أن نجدد، وممكن في أي سنة من السنين يرفضون تجديد الإقامة السياحية. أنا لا أستطيع الذهاب إلى بغداد، وبسبب "كورونا" السفر أصلاً أغلق، ولا أهلي يستطيعون المجيء، فبدأت شيئاً فشيئاً أستعد للعودة إلى أوروبا، ولكن الأمر يحتاج إلى وقت وأيضاً إلى حتى أجمع النقود من عملي هنا في تركيا.
في السويد ثقافتهم المجتمعية لا مشكلة لدي فيها، لكن الثقافة العملية سوف أواجه فيها بعض التعب، على اعتبار أني لست معتادة على العمل أغلب اليوم فكله عمل وكآبة، يجب أن أدرب نفسي، شيئاً فشيئاً لأكون مستعدة لهذا الموضوع.
أنا حنين الخليلي من تركيا وهذه كانت قصتي.