مزنة بلال

احد مقابلات حزمة: الصراع، الهجرة والهوية السورية,
Original Interview Length:
سجلت هذه المقابلة في: سوريا
فريق الانتاج:
المواد المتوفرة لهذه المقابلة:

تحدثنا الآنسة مزنة بلال، وهي سورية مقيمة بدمشق، عن العوامل المؤثرة بهويتها السورية فتقول:

أنا أعيش في سوريا منذ ولادتي، عائلتي على درجة بسيطة من التدين، لكن أنا كان لدي قدر معين من الانفتاح بمكان ما يمكن له علاقة بالتربية أو بالبيئة، لم يسبق وأن عشت خارج البلد، مع أني سافرت كثيراً لكن كإقامة كانت اقامتي كلها بسوريا، وغالب الأفكار التي تأثرت بها في حياتي هي نتيجة المجتمعات التي عايشتها داخل البلد، والتي هي متنوعة نوعاً ما.

وتضيف الآنسة مزنة:

هويتي: صبية سورية تعيش هنا بمكان ما، وتتمسك بأشياء جميلة تربت عليها من قبل الأهل أو البيئة، لكن بالعموم دينياً أنا لا أتوافق مع أغلب الناس أو مع أغلب أشكال تعاملهم مع الدين، أي أنيا لا أتفق مع المجتمع ذو الصبغة الدينية دائماً، حتى ثقافياً فأنا أيضاً أختلف فيه، لكن كارتباط هوية هو ارتباطي بعائلتي، وسقف ارتباطي بعائلتي أكثر من ارتباطي بالمكان كبلد.

ثم تتحدث الآنسة مزنة عن أثر الصراع على هويتها السورية، فتقول:

لما بدأت الحرب في سوريا وأخذت الأوضاع تسوء، كان عمري في ذلك الوقت 16 سنة، كنت لا أزال طالبة في المدرسة، فالأجزاء من البلد التي شكلت لي ال 16 سنة، عندما جاءت الحرب أخذتها بمنحى آخر، أنا تربيت بجو يعتبر أساساً جو حرب، جو مخلخل جو صراعات، مع الوقت هذا الشيء جعلني أفقد ارتباطي بالمكان أو بالبلد تماماً، بالبداية كلنا كنا متمسكين بالمكان ونعتقد أو نتمنى أنه قريباً ستنحل المشكلة، ومع الوقت أصبح الموضوع عبارة عن مكان أعيش فيه حتى أجد فرصة أفضل، وأتمكن من السفر.

وعن الأثر على هويتها فيما لو تغيرت نتائج الصراع تقول:

أذكر أنه بعد أن أنهيت البكالوريا مر ثلاث أو أربع سنين كان عندي فيها تمسك كبير بالمكان، فلماذا أترك البلد؟ ولماذا الناس تسافر؟ أنا أستطيع أن أبدأ هنا، أستطيع أن أعمل، وما أحققه هنا سيكون مهم، لكن بالتأكيد اختلف الموضوع بالنهاية، الهجرة معروفة لكل الناس انها شيء سيء، وهي شيء صعب، وليس دائماً تكون مجدية، وإذا كان عندي خيار أفضل بدون الهجرة فسيكون كل شي أفضل هنا، لكن مع الأسف مع الوقت لم يتحقق هذا الشيء أبداً.

وتنتقل الآنسة مزنة للحديث عن أثر الهجرة على هويتها السورية فتقول:

أثرت الهجرة عليّ بشكل كبير، وبداية التأثير كان من خلال الناس الذين كانوا حولنا وهاجروا، فكنا على الدوام نفقد أشخاصاً من حياتنا، وحتى الأشخاص الذين عرفتهم بتلك الفترة فقد عرفتهم بأسوأ ظروف حياتهم، فقبل الحرب يمكن أنهم كانوا أشخاصاً مختلفين تماماً، وبالنتيجة أصبح الموضوع عادي وأصبحنا متعودين بأي لحظة نودع أي شخص وبأي طريقة كانت، وبالنسبة لي كنت أودع رفاقي الآن وأنا أفكر أنني بعد فترة سألحق بهم، لأن الهجرة بالنسبة لنا كسوريين لم تعد موضوع خيار، بل أصبحت حل لكثير من الأمور، لتنقذ حياتك، لتتمكن من العيش مرتاح، لتأمين مقومات حياتك، إن النظرة إلى الهجرة اختلفت كثيراً خلال العشر سنوات الماضية.

وتتحدث الآنسة مزنة عن عادات وتقاليد كان لها تأثير على هويتها، فتقول:

بشكل عام أغلب الأمور التي اعتدت أن أفعلها هي عادات عامة، مثلاً في فترة رمضان كل سنة، وفي فترة العيد، وأعياد الميلاد ورأس السنة، هذه المناسبات التي هي بالأصل دينية كانت مشاركتي فيها فقط مع أهلي، فهم معتادين عليها أما أنا بشكل شخصي ما كنت أشعر بارتباط بيني وبين هذه العادات الدينية، أما العادات المجتمعية مثلاً: طريقة لباسي، فهذا يحدده المكان الذي سأذهب إليه، والأشخاص الذين سأكون معهم.

وختاماً تصف الآنسة مزنة هويتها بكلمات موجزة فتقول:

 أنا لا أعد نفسي شخصاً محدداَ بالمكان الذي هو موجود فيه، أو بما تربى فيه، أنا مختلفة قليلاً، وإذا أردت تحديد صفة فسأحاول قدر الإمكان أن تكون الهوية التي أريدها أنا، وليس ما يجب أن تكون عليه، وإن شاء الله أتمكن مع الوقت.