تحدثنا السيدة ريم الشعار من مدينة دمشق، في الأربعينيات من عمرها، عن هويتها قائلة:
أنا أرى أن الهوية، لها بُعيدين، ذاتي وموضوعي. البُعد الذاتي يتحمل كثيراً من العوامل، منها النفسية، ومنها الجسدية والتي لها علاقة بالتركيبة، أنا كأنثى. ومنها ما له علاقة بالأدوار المنوطة بهذا الشخص، أو المنوطة بي شخصياً، مثلاً كابنة كزوجة، كأمّ، كأخت لأخ ذكر، كأخت لأخت أنثى، بعد ذلك، كيف تطورت هويتي، كيف أصبحت عمّة؟ كيف أصبحت خالة؟ هكذا أنا، بهذه الطريقة أرى هويتي. الجانب الموضوعي أراه من ناحية علاقته بالهوية الاجتماعية، وأحياناً له علاقة بالهوية الدينية، وأحياناً أخرى له علاقة بالهوية الاقتصادية، الهوية الفكرية.. أي في كل مجالات الحياة في كل مجالات الحياة، نحن لنا جزء من هوية.
أنا كفتاة سورية، أرى هويتي أنني بنت سورية، أشعر بالانتماء لهذه الأرض، أفهم أن بها شيء عميق للغاية قديم وعريق جداً، هذا الشيء يستحق مني أن أبذل جهداً كي أستوعب مجموع العلاقات التي تربط التاريخ والجغرافية وتربطني أنا بهذه الأرض
وعن عن هويتها السورية على وجه الخصوص، تخبرنا السيدة ريم قائلة:
لا أستطيع أن أكون محيادةً مع سوريا، إن سوريا هي المقياس الذهبي لديّ، كل شخص يحب هذه البلد، يحب سوريا، هو حبيبي! وأنا إذا سألتني عن هويتي، سأقول أن كل شيء له علاقة بسوريا، من التراث إلى الطعام، الثقافة، إلى التاريخ، هي إرث إنساني من حضارات ونقوش، أي شيء مدموغ عليه سوري أنا أرى هويتي فيه.
أمّا عن أثر الصراع في سوريا خلال العشر سنوات الماضية، تصف السيدة ريم ذلك الأثر بالقول:
أنا لدي إيمان أن الصراع في سوريا، صراع على الهوية، المقصود الهوية، المقصود أن تتفتت هويتنا وتتشرذم ونتحول إلى مجموعة أقليات، كل واحد منا يتبع لقومية أو لدين أو لمعتقد أو لجماعة أو لشخص، المقصود أن يتم اللعب على الهوية المقصود هي هويتنا، لأن سوريا لم تعرف طيلة عمرها، معنى الطائفية، سوريا بحياتها لم تعرف معنى الإقصاء.
لو كنت -مثلاً- لادينية أو ملحدة أو لي طريقتي أو سبيلي إلى الله. لو اختلف عني الآخر، فلا أرى أنه يجب عليّ أن أقتله، هذا الشيء موجود في جيناتنا السوريّة الأصيلة.
وفيما لو كانت نتيجة الصراع مختلفة عن الراهن، تعتقد السيدة ريم أن إيجابتها ستكون مختلفة "بديهياً"، وتضيف:
هكذا صيرورة التاريخ تقول، الدم الذي سقط على الأرض، قال كلمته، وللأسف الشديد فإننا خلّفنا للأجيال القادمة مواد دسمة كي يختلفوا عليها، يتقاتلون وتزداد الهوّة الخلاف والاختلاف، لذلك أعتبر أن كل سوري لديه رسالة، كل سوري من أي موقع في عمله، مهما كان مجال تأثيره صغيراً، سيكون لديه رسالة يجب عليه أن يؤديها تجاه هذه البلد، يجب عليه أن يقوم بتوعية من حوله.
وعن أثر الهجرة من سوريا على هوية السيدة ريم، تقول:
ما هي الهوية؟ أي من يصنع الهوية؟ ثمة حامل بشري، هناك إنسان سوري مؤثر وفاعل، مرتبط بالأرض وبالكون، و مرتبط بالحضارات وبالتاريخ، وبالعقل الجمعي لهذه الأرض. مثلاً كيف استطاع أهل مدينة معلولا الحفاظ على هويتها، كيف استطاع أهل معلولا الحفاظ على لغة السيد المسيح منذ آلاف السنوات إلى الآن؟ هذا الإنسان البشري هو المهم، هو الحافظ، إذ حدث حراك ديموغرافي وتغير مكانه وانتقل إلى أماكن أخرى، بالطبع سوف يختلف ميزان الهوية!
وعن الطقوس والعادات والتقاليد التي أثرت على هوية السيدة ريم، فتقول:
لدي طقس -تقريباً- شبه أسبوعي، هو أني أزور الأماكن المتعلقة بالحِرف والمهن السورية، أتعرف على تطورها تاريخياً، من عمل بها ومن قام بتطويرها، أتعرف على مواقع تاريخية جديدة بالنسبة لي، أحاول أن أفهم هذا الأثر الذي تركه لنا الأجداد وماذا يعني؟ الرسومات الجدارية الموجودة على جدران الكهوف بمنطقة الكوم السورية، ماذا كان يريد الإنسان الأول أن يقول لنا؟
وأخيراً، تصف السيدة ريم هويتها باختصار:
أنا أؤمن أن الإنسانية دين، دين يتفوق على كل الأديان، أدواته هي المحبة والخير والجمال والسلام والفن، وسوريا إذا أردنا أن تمتلك كل هذه الأدوات أتمنى أن تكون بلدي بلداً حراً ينعم الجميع فيها بالخير والمحبة والوفرة.